كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال عروة: وكانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان وتقول: إنه الذي قال:
فإنّ أبي ووالده وعرضي ** لعرض محمد منكم وقاء

وقال الحافظ بن عمر بن عبد البر في الاستيعاب وأنكر قوم أن يكون حسان خاض في الإفك وجلد فيه، وروي عن عائشة أنها برأته من ذلك، انتهى. وقال غيره: والله لا أظن به ذلك أصلًا وإن جاءت تسميته في الصحيح فقد يخطىء الثقة لأسباب لا تحصى كما يعرف ذلك من مارس نقل الأخبار وكيف يظن به ذلك ولا شغل له إلا مدح النبي صلى الله عليه وسلم والمدافعة عنه والذم لأعدائه، وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل معه وهو القائل يمدح عائشة ويكذب من نقل عنه ذلك:
حصان رزان ما تزن بريبة ** وتصبح غرثي من لحوم الغوافل

حليلة خير الناس دينًا ومنصبًا ** نبي الهدى والمكرمات الفواضل

عقيلة حي من لؤي بن غالب ** كرام المساعي مجدها غير زائل

مهذبة قد طيب الله خيمها ** وطهرها من كل شين وباطل

وإن كانت ما بلغت عني قلته ** فلا رفعت سوطي إليّ أناملي

فكيف وودي ما حييت ونصرتي ** لآل رسول الله زين المحافل

له رتبة عال على الناس فضلها ** تقاصر عنها سورة المتطاول

وفي هذا القدر كفاية لأولي الألباب، فإن هذه القصة عبرة لمن اعتبر فإن أهل الإفك استمروا في هذا أكثر من شهر والله تعالى عالم بما يقولون، وإن قولهم يكاد يقطع الأكباد في أحب خلقه إليه وهو قادر على تكذيبهم عند أول ما خاضوا فيه ولكنه سبحانه أراد لناس رفع الدرجات ولآخرين الهلكات ولا بأس ببيان غريب هذه الألفاظ التي وقعت في هذه القصة من كلام عائشة وغيرها قولها: إذن أي: أعلم بالرحيل، وقولها فقدت عقدًا لي من جزع أظفار: هو نوع من الخرز وهو الحجر اليماني المعروف، وقولها: لم يهبلن أي: لم يكثر لحمهنّ من السمن فيثقلن، وقولها إنما يأكلن العلقة من الطعام وهو بضم العين أي: البلغة من الطعام وهي قدر ما يمسك الرمق وقولها: ليس بها منهم داعٍ ولا مجيب أي: ليس بها أحد لا من يدعو ولا من يرد جوابًا، وقولها: فيممت أي: قصدت، وقولها: قد عرس من وراء الجيش، فأدلج التعريس نزول المسافر بالليل للراحة والإدلاج بالتشديد سيرًا آخر الليل وبالتخفيف سير الليل كله، وقولها: باسترجاعه هو قول القائل: إنا لله وإنا إليه راجعون. قولها: خمرت أي: غطيت وجهي بجلبابي أي: إزاري، وقولها: موغرين في نحو الظهيرة الوغر: شدّة الحر وكذلك نحر الظهيرة أي: أولها، وقولها: والناس يفيضون أي: يخوضون ويتحدثون، وقولها: وهو يريبني يقال: رابني الشيء يريبني أي: تشككت فيه، وقولها: ولا أرى من النبي اللطف أي: الرفق بها، واللطف في الأفعال الرفق، وفي الأقوال لين الكلام، وقولها: حين نقهت أي: أفقت من المرض والمناصع المواضع الخالية تقضى فيها الحاجة من غائط وبول، وأصله المكان الواسع الخالي والمرط كساء من صوف أو خز، قولها فقالت: تعس مسطح أي: خسر، وقولها: يا هنتاه أي: يا بلهاء كأنها نسبتها إلى البله وقلة المعرفة، وقولها: لا يرقأ أي: لا ينقطع، وقول بريرة: إن رأيت بمعنى النفي أي: ما رأيت منها أمرًا أغمصه عليها بالصاد المهملة أي: أعيبه، والداجن الشاة التي تألف البيت وتقيم به، وقوله صلى الله عليه وسلم من يعذرني أي: إن أنا أكافئه على سوء صنيعه إن عاتبت أو عاقبت، فلا تلوموني على ذلك، وقولها: ولكن حملته الحمية أي: حمله الغضب والأنفة والتعصب على الجهل للقرابة، وقولها: فتثاور الحيان أي: ثاروا ونهضوا للقتال والمخاصمة، وقولها: فلم يزل يخفضهم أي: يهوّن عليهم ويسكت، وقوله صلى الله عليه وسلم إن كنت ألممت قيل: هو من اللمم وهو صغار الذنوب، قيل: معناه مقارفة الذنب من غير فعل، وقولها: قلص دمعي أي: انقطع جريانه، قوله: ما رام أي: ما برح من مكانه والبرحاء الشدّة، والجمانة الدرة وجمعه جمان، وقولها: فسرّي عنه أي: كشف عنه، وقول زينب: أحمي سمعي وبصري أي: أمنعهما عن أن أخبر بما لم أسمع ولم أبصر وقولها: وهي التي كانت تساميني من السموّ وهو العلوّ والغلبة، فعصمها الله تعالى أي: منعها الله من الوقوع في الشر بالورع، وقول الرجل: ما كشفت كنف أنثى أي: ستر أنثى، وقول حسان في عائشة: حصان بفتح الحاء امرأة حصان أي: متعففة رزان أي: ثابتة ما تزن أي: ترمي ولا تتهم بريبة أي: أمر يريب الناس وتصبح غرثى أي: خائفة الموت، والغرث: الجوع من لحوم الغوافل جمع غافلة والمعنى أنها لا تغتاب أحدًا ممن هو غافل، وقرأ لا تحسبوه وتحسبونه ابن عامر وعاصم وحمزة بفتح السين والباقون بكسرها، ولما أخبر سبحانه وتعالى بعقاب أهل الإفك، وكان في المؤمنين من سمعه وسكت، وفيهم من سمعه فتحدّث به متعجبًا من قائله أو متثبتًا في أمره وفيهم من أكذبه أتبعه سبحانه وتعالى بعتابهم في أسلوب خطابهم مثنيًا على من كذبه، فقال سبحانه وتعالى مستأنفًا محرضًا: {لولا} أي: هلا ولم لا {إذ} أي: حين {سمعتموه} أيها المدعون للإيمان {ظن المؤمنون} أي: منكم {والمؤمنات} وكان الأصل ظننتم أي: أيها العصبة ولكنه التفت إلى الغيبة تنبيهًا على التوبيخ، وصرح بالنساء ونبه على الوصف المقتضي لحسن الظن تخويفًا للذي ظن السوء من سوء الخاتمة {بأنفسهم} حقيقة {خيرًا} وهم دون من كذب عليها فقطعوا ببراءتها لأن الإنسان لا يظن في الناس إلا ما هو متصف به أو بإخوانهم لأن المؤمنين كالجسد الواحد وذلك نحو ما يروى أن أبا أيوب الأنصاري قال لأم أيوب: ألا ترين ما يقال؟ فقالت: لو كنت بدل صفوان كنت تظن بحرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم سوءًا قال: لا، قالت: ولو كنت أنا بدل عائشة ما خنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعائشة خير مني وصفوان خير منك {وقالوا هذا إفك مبين} أي: كذب بيّن.
فإن قيل: هلا قيل لولا إذ سمعتموه ظننتم بأنفسكم خيرًا وقلتم ولم عدل عن الخطاب إلى الغيبة، وعن الضمير إلى الظاهر؟
أجيب: بأن ذلك مبالغة في التوبيخ على طريقة الالتفات وليصرح بلفظ الإيمان دالًا على أن الاشتراك فيه يقتضي أن لا يصدق مؤمن على أخيه ولا مؤمنة على أختها قول عائب ولا طاعن، وفيه تنبيه على أن حق المؤمن إذا سمع قالة في أخيه أن يبني الأمر فيها على الظن لا على الشك، وأن يقول بملء فيه بناءً على ظنه بالمؤمن الخير هذا إفك مبين هكذا اللفظ المصرح ببراءة ساحته لا يقول كما يقول المستيقن المطلع على حقيقة الحال، وهذا من الأدب الحسن الذي قل القائم به والحافظ له وليتك تجد من يسمع فيسكت ولا يشيع ما يسمعه بإخوانه، ثم علل سبحانه وتعالى كذب الآفكين أن قال موبخًا لمن اختلقه وأذاعه ملفتًا لمريديه إلى ظن الخير:
{لولا} أي: هلا ولم لا {جاؤوا عليه بأربعة شهداء} كما تقدم أن القذف لا يباح إلا بها {فإذ} أي: حين {لم يأتوا بالشهداء} أي: الموصوفين {فأولئك} أي: البعداء من الصواب {عند الله هم الكاذبون} قد جعل الله التفضل بين الرمي الصادق والرمي الكاذب بثبوت شهادة الشهود الأربعة وانتفائها، والذين رموا عائشة لم تكن لهم بينة على قولهم، فقامت عليهم الحجة، وكانوا عند الله أي: في حكمه وشريعته كاذبين، وهذا توبيخ وتعنيف للذين سمعوا الإفك فلم يجدوا في دفعه وإنكاره واحتجاج عليهم بما هو ظاهر مكشوف في الشرع من وجوب تكذيب القاذف بغير بينة في التنكيل به إذا قذف امرأة محصنة من عرض نساء المسلمين فكيف بأم المؤمنين الصديقة بنت الصديق حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حبيبة حبيب رب العالمين. ولما بيّن الله سبحانه وتعالى الدليل على كذب الخائضين في هذا الكلام وأنهم استحقوا الملام قال عاطفًا على لولا الماضية التي للتحضيض:
{ولولا} التي هي لامتناع الشيء لوجود غيره {فضل الله} أي: المحيط بصفات الكمال {عليكم ورحمته} أي: معاملته لكم بمزيد الإنعام والإكرام اللازم للرحمة {في الدنيا} بقبول التوبة والمعاملة بالحلم {والآخرة} بالعفو عمن يريد أن يعفو عنه منكم {لمسكم} أي: عاجلكم {في ما أفضتم} أي: أيها العصبة أي: خضتم {فيه} من حديث الإفك {عذاب عظيم} أي: يحتقر معه اللوم والجلد.
فائدة: في مقطوعة في الرسم من ما كما ترى، ثم بين تعالى وقت حلول العذاب وزمان تعجيله بقوله تعالى: {إذ} أي: مسكم حين {تلقونه} أي: تجتهدون في تلقي أي: قبول هذا الكلام الفاحش وإلقائه {بألسنتكم} أي: يرويه بعضكم عن بعض وذلك أن الرجل منهم كان يلقى الرجل فيقول: بلغني كذا وكذا يتلقونه تلقيًا يلقيه بعضهم إلى بعض، وحذفت من الفعل إحدى التاءين {وتقولون بأفواهكم} أي: كلامًا مختصًا بالأفواه فهو كلام لا حقيقة له فلا يمكن ارتسامه في القلب بنوع دليل وأكد هذا المعنى بقوله تعالى: {ما ليس لكم به علم} أي: بوجه من الوجوه وتنكيره للتحقير.
فإن قيل: القول لا يكون إلا بالفم، فما معنى قوله تعالى: {بأفواهكم}؟
أجيب: بأن معناه أن الشيء المعلوم يكون علمه في القلب فيترجم عنه اللسان وهذا الإفك ليس إلا قولًا يجري على ألسنتكم ويدور في أفواهكم من غير ترجمة عن علم به في القلب كقوله تعالى: {يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم} (آل عمران: 167).
{وتحسبونه} بدليل سكوتكم عن إنكاره {هينًا} أي: لا إثم فيه {وهو} أي: والحال أنه {عند الله} أي: الذي لا يبلغ أحد مقدار عظمته {عظيم} في الوزر واستجرار العذاب فهذه ثلاثة آثام مرتبة علق بها مس العذاب العظيم تلقي الإفك بألسنتهم والتحدث به من غير تحقق واستصغارهم لذلك، وهو عند الله تعالى عظيم:
{ولولا} أي: وهلا ولم لا {إذ} أي: حين {سمعتموه قلتم} من غير توقف ولا تلعثم {ما يكون} أي: ما ينبغي وما يصح {لنا أن نتكلم بهذا} أي: القول المخصوص ويجوز أن تكون الإشارة إلى نوعه فإن قذف آحاد الناس محرم، فكيف بمن اختارها العليم الحكيم لصحبة أكمل الخلق.
فإن قيل: كيف جاز الفصل بين لولا وقلتم؟
أجيب: بأن الظروف تنزل من الشيء منزلة نفسه لوقوعه فيها وأنها لا انفكاك لها عنه فلذلك يتسع فيها ما لا يتسع في غيرها.
فإن قيل: أيّ فائدة في تقديم الظرف حتى أوقع فاصلًا؟
أجيب: بأن الفائدة فيه بيان أنه كان الواجب عليهم أن يذبوا أول ما سمعوا بالإفك عن التكلم به فلما كان ذكر الوقت أهم وجب التقديم.
فإن قيل: ما معنى يكون والكلام بدونه ملتئم لو قيل ما لنا أن نتكلم بهذا؟
أجيب: بأن معناه ينبغي ويصح أي: ما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا وما يصح لنا كما تقدم تقريره، ونحوه ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق، وقوله تعالى: {سبحانك} تعجب من أن يخطر ذلك بالبال في حال من الأحوال.
فإن قيل: ما معنى التعجب في كلمة التسبيح؟
أجيب: بأن الأصل في ذلك أن يسبح الله تعالى عند رؤية التعجب من صنائعه ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب، وقيل: تنزيه، فهو منزه عن أن يرضى بظلم هؤلاء القذفة، وعن أن لا يعاقبهم وعن أن تكون حرمة نبيه صلى الله عليه وسلم فاجرة، قال البيضاوي: فإن فجورها ينفر عنه ويخل بمقصود الزواج بخلاف كفرها فإنه لا ينفر أي: ولهذا كانت امرأة نوح ولوط كافرتين، وهذا يقتضي حل نكاح الكتابية مع أنها لا تحل له صلى الله عليه وسلم لأنها تكره صحبته؛ ولأنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة بنكاح ولقوله تعالى: {وأزواجه أمهاتهم} (الأحزاب: 6).
ولا يجوز أن تكون الكافرة أم المؤمنين، ولخبر: «سألت ربي أن لا أزوج إلا من كانت معي في الجنة فأعطاني» رواه الحاكم وصحح إسناده.
أما التسري بالكافرة فلا يحرم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم تسرى بريحانة وكانت يهودية من بني قريظة ولا يشكل تعليلهم السابق من أنه أشرف أن يضع ماءه في رحم كافرة؛ لأن القصد بالنكاح أصالة التوالد فاحتيط له، وبأنه يلزم منه أن تكون الزوجة المشركة أم المؤمنين بخلاف الملك فيهما {هذا بهتان} أي: كذب يبهت من يواجه به ويحيره لشدّة ما يفعل في القوى الباطنة؛ لأنه في غاية الغفلة عنه لكونه أبعد الناس منه، ثم هونه بقوله: {عظيم} لعظمة المبهوت عليه، فإن حقارة الذنوب وعظمها باعتبار متعلقاتها، ولما كان هذا كله وعظًا لهم واستصلاحًا ترجمه بقوله: {يعظكم الله} أي: يرقق قلوبكم الذي له الكمال كله، فيمهل بحلمه ولا يهمل بحكمته {أن} أي: كراهة أن {تعودوا لمثله أبدًا} أي: ما دمتم أحياء مكلفين، ثم عظم هذا الوعظ بقوله تعالى: {إن كنتم مؤمنين} أي: متصفين بالإيمان راسخين فيه، فإنكم لا تعودون، فإن الإيمان يمنع عنه، وهذا تهييج وتقريع لا أنه يخرج عن الإيمان كما تقول المعتزلة.
فإن قيل: هل يجوز أن يسمى الله واعظًا كقوله تعالى: {يعظكم الله}؟
أجيب: بأنه لا يجوز كما قاله الرازي، قال: كما لا يجوز أن يسمى الله معلمًا كقوله تعالى: {الرحمن علم القرآن} (الرحمن: 1-2)؛ لأن أسماء الله تعالى توقيفية.
{ويبين الله} أي: بما له من صفات الكمال والإكرام {لكم الآيات} أي: الدالة على الشرائع ومحاسن الآداب كي تتعظوا وتتأدبوا {والله} أي: المحيط بجميع الكمال {عليم} أي: بما يأمر به وينهى عنه {حكيم} لا يضع شيئًا إلا في أحكم مواضعه وإن دق عليكم فهم ذلك فلا تتوقفوا في أمر من أوامره، ولماكان من أعظم الوعظ بيان ما يستحق على الذنب من العقاب بينه بقوله تعالى: {إن الذين يحبون} أي: يريدون وعبر بالحب إشارة إلى أنه لا يرتكب هذا مع شناعته إلا محب له، ولا يحبه إلا بعيد عن الاستقامة {أن تشيع} أي: تنتشر بالقول أو الفعل {الفاحشة} الفعلة الكبيرة القبح {في الذين آمنوا} أي: بنسبتها إليهم وهم العصبة، وقيل: المنافقون {لهم عذاب أليم في الدنيا} أي: بالحدّ للقذف {والآخرة} أي: بالنار لحق الله تعالى إن لم يتب {والله} أي: المستجمع لصفات الجلال والجمال {يعلم} أي: له العلم التام فهو يعلم مقادير الأشياء ما ظهر منها وما بطن وما الحكمة في إظهاره أو ستره أو غير ذلك من جميع الأمور {وأنتم لا تعلمون} أي: ليس لكم علم من أنفسكم فاعملوا بما علمكم فلا تتجاوزوه ولا تضلوا، وقيل: معناه يعلم ما في قلب من يحب أن تشيع الفاحشة فيجازيه عليها وأنتم لا تعلمون ذلك، وقيل: والله يعلم انتفاء الفاحشة عنهم وأنتم أيها العصبة لا تعلمون وجودها فيهم، وقوله تعالى: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته} أي: بكم تكرير للمنة بترك المعاجلة بالعقاب للدلالة على عظم الجريمة، ولذا عطف عليه {وأن الله} أي: الذي له القدرة التامة، فسبقت رحمته غضبه {رؤوف رحيم} على حصول فضله ورحمته، وجواب لولا محذوف كأنه قال: لعذبكم واستأصلكم لكنه رؤوف رحيم؛ قال ابن عباس: الخطاب لحسان ومسطح وحمنة قال الرازي: ويجوز أن يكون الخطاب عامًا، وقيل: الجواب في قوله تعالى: {ما زكى منكم من أحد} وقرأ: رؤوف؛ نافع وابن كثير وابن عامر وحفص بمدّ الهمزة والباقون بقصرها. اهـ.